"فورين بوليسي": حملة ترامب ضد الطلاب الدوليين تهدد بخسارة 44 مليار دولار سنوياً

"فورين بوليسي": حملة ترامب ضد الطلاب الدوليين تهدد بخسارة 44 مليار دولار سنوياً
حملة ترامب ضد الطلاب الدوليين

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة من الإجراءات الجديدة التي تستهدف بشكل مباشر الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، في تصعيد واضح لحملته ضد مؤسسات التعليم العالي الأمريكية.

ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي"، الجمعة، بدأت هذه الخطوات بإعلان وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، يوم الأربعاء، عن نية الإدارة إلغاء عدد كبير من تأشيرات الطلاب الصينيين، لا سيما أولئك المرتبطين بالحزب الشيوعي الصيني أو الدارسين في تخصصات تعدها الحكومة "حيوية".

ويُشكّل الطلاب الصينيون نحو ربع الطلاب الدوليين في الجامعات الأمريكية، وتؤثر هذه الخطوة في شريحة واسعة من الملتحقين بالتعليم العالي.

وأصدر الوزير روبيو أيضًا توجيهًا عاجلًا إلى السفارات الأمريكية في مختلف أنحاء العالم، يقضي بوقف مؤقت لإجراءات المقابلات الخاصة بمنح التأشيرات للطلاب الجدد، في إطار تحضيرات لتكثيف الفحص الأمني بما في ذلك مراجعة محتوى حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

تهديد مكانة الجامعات الأمريكية

أوقفت إدارة ترامب أخيرًا قدرة جامعة هارفارد على استقبال طلاب دوليين، وهي خطوة أثارت نزاعًا قانونيًا واسعًا ما يزال جارياً في المحاكم.

يمثل هذا القرار امتدادًا لمحاولات الرئيس فرض سيطرة مباشرة على المؤسسات التعليمية التي يعتبرها واقعة تحت تأثير ما يسميه "اليسار المتطرف".

وعبر تهديده المتكرر بتقليص مئات الملايين من الدولارات من الدعم الفيدرالي المخصص للجامعات، يسعى ترامب لإعادة تشكيل الخطاب الأكاديمي، مستندًا إلى شكاوى متنوعة مثل معاداة السامية وسياسات التنوع والمساواة والشمول التي يصفها بـ"اليقظة".

لم تتوقف الحملة عند هذا الحد، بل أقدمت الإدارة أيضًا على إلغاء أكثر من 1500 تأشيرة طلابية لأشخاص يُشتبه بصلتهم بأنشطة مؤيدة للقضية الفلسطينية، قبل أن تتراجع تحت وطأة دعاوى قانونية ضخمة.

أحد أهم مصادر الدخل

استهدفت القرارات الأخيرة أحد أهم مصادر الدخل للجامعات الأمريكية: الطلاب الدوليون، وفقًا لتقديرات جمعية NAFSA، وهي منظمة غير ربحية تُعنى بالتعليم الدولي، ضخّ هؤلاء الطلاب نحو 44 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال العام الأكاديمي 2023-2024.

وتستقبل الولايات المتحدة حاليًا أكثر من 1.1 مليون طالب دولي، يشكّل الصينيون والهنود أكثر من نصفهم.

وقال الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو، غوراف خانا، إن هذه القرارات "ستُضر بنتائج الجامعات النهائية، كما ستُؤثر سلبًا في المدن الجامعية المحيطة التي تعتمد اقتصاديًا على وجود هؤلاء الطلاب".

رسوم دراسة مرتفعة

تستفيد الجامعات الأمريكية من رسوم الدراسة المرتفعة التي يدفعها الطلاب الدوليون، مقارنة بنظرائهم من الطلاب المحليين الذين يحصل كثيرون منهم على دعم مالي أو رسوم داخلية مخفّضة.

أوضح الرئيس السابق لجامعة نورث وسترن وكلية ويليامز، مورتون شابيرو، أن "جميع الطلاب الدوليين تقريبًا يدفعون الرسوم الدراسية المعلنة بالكامل".

وفي الجامعات الحكومية، غالبًا ما تكون هذه الرسوم أعلى من تلك المفروضة على الطلاب من خارج الولاية.

انخفاض أعداد الطلاب

في المقابل، تُظهر بيانات مؤسسة بروكينغز أن فقط 16% من الطلاب في الكليات الخاصة غير الربحية، و25% من طلاب الولايات في الجامعات العامة، دفعوا الرسوم الدراسية الكاملة خلال العام الدراسي 2019-2020.

حذّر خانا من أن انخفاض أعداد الطلاب الدوليين سيُجبر الجامعات العامة على رفع رسوم الدراسة على الطلاب المحليين، أو تقليص جودة التعليم والبحث.

وقال: "الطلاب المحليون داخل الولاية هم من سيتأثرون بشكل مباشر، سواء عبر ارتفاع التكاليف أو تدني مستوى الخدمات التعليمية".

شهدت الأعوام الأخيرة تراجعًا في أعداد الطلاب الصينيين، بعد أن كانوا يمثلون المصدر الأول للطلاب الدوليين في الولايات المتحدة عام 2017.

أوضح خانا أن الصين طوّرت نظامًا تعليميًا عالي الجودة جعل الكثير من طلابها يفضلون البقاء محليًا، في حين توجّه آخرون إلى دول مثل كندا وأستراليا والمملكة المتحدة.

وخلقت حالة عدم اليقين بشأن التأشيرات والهجرة والتمويل، فرصة ذهبية لدول أخرى تسعى لاجتذاب المواهب الأكاديمية، حيث بدأت بعض الجامعات، مثل جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، بتوجيه دعوات مفتوحة للطلاب الدوليين المتأثرين بالقرارات الأمريكية.

وأعلنت الجامعة استعدادها لتقديم عروض قبول غير مشروطة، وإجراءات انتقال ميسّرة، ودعم أكاديمي شامل.

وصف خانا الجامعات الأمريكية بأنها كانت دائمًا "ملاذًا بحثيًا عالميًا"، لكنه تساءل عمّا إذا كانت جودة التعليم وحدها ستكفي لإقناع الطلاب بتحمّل أخطار عدم الاستقرار القانوني والسياسي.

مؤشرات هجرة مقلقة

رصدت شركة StudyPortals، وهي منصة دولية للتعليم العالي، تراجعًا بنسبة 38% في اهتمام الطلاب الدوليين ببرامج الماجستير والدكتوراه الأمريكية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025.

يُشير هذا الاتجاه إلى احتمالية فقدان الولايات المتحدة لميزتها التاريخية في جذب النخب العلمية والأكاديمية.

وأكد خبير التعليم العالي في كلية بوسطن، كريس جلاس، أن "الطلاب الدوليين ليسوا مجرد مصدر دخل إضافي، بل هم جزء من البنية التحتية العلمية الأساسية في الولايات المتحدة".

وأضاف: "هم يُثرون ثقافتنا وتنوعنا ويغذّون الابتكار، وهذا هو جوهر القوة الإبداعية لأمريكا".

وتكشف الإجراءات الأخيرة عن توجّه إداري يضع الجامعات تحت ضغط سياسي واقتصادي متزايد، في وقت تُحذّر فيه مؤسسات البحث والخبراء من عواقب وخيمة تطول النظام التعليمي والاقتصاد الأمريكي ككل.

وإذا استمرت هذه السياسات، فقد تفقد الولايات المتحدة ميزتها الأكاديمية والتقنية لمصلحة دول أخرى تفتح ذراعيها للباحثين والطلاب والمبتكرين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية